مجاهدة النفس
نبدأ درس اليوم والذي أتمنى أن تسمعه الناس بعقولها وأفهامها, وأن تركز في
المعاني.. فاحرص أن تستفيد, واحرص أن تسمع كي تنفذ, فقد سمعنا الكثير يا
جماعة ومنا من بكى كثيرا, ومنا من سافر في عطلة الصيف فعاد أسوأ مما كان,
ومنا من سافر في عطلة الصيف وعاد أقوى مما كان عليه عندما وجد أنه يستطيع
الحفاظ على نفسه, ومنا أشكال وألوان..
فيا ترى هل ستسمع درس اليوم كي تنفذ؟.. أنا أتمنى ذلك..
درس اليوم هو آخر درس في سلسلة إصلاح القلوب, فبعد أن تحدثنا عن التوبة
والتفكر والتوكل والإخلاص.. وتحدثنا كثيرا عن القلوب..فمنا من استطاع
التنفيذ كما قلت ومن من لم يستطع..
لكن لعل درس اليوم أن يكون جامعا لمعنى ما ..الزم هذا المعنى وخذ به بقوة لعله يصلح قلبك تماما..
درس اليوم بعنوان..
مجاهدة النفس..
إن مجاهدة النفس ليست عملا بدنيا بل هو عمل قلبي..
فكيف أجاهد نفسي؟..
المجاهدة في اللغة من كلمة جَهَدَ..
جاهد نفسه من الجُهد..
والجُهد يعني البذل..
يعني أعطى الجهد فمنها جاءت كلمة المجاهدة..
أي أن أصل الكلمة من بذل المجهود ومن استفراغ الطاقة.. فشخص بذل من الطاقة سمي : قد جاهد..
فأصل كلمة المجاهدة من بذل الجهد والطاقة..
وكلمة مجاهدة غير كلمة جهاد, فمجاهدة على وزن مفاعلة من جَهْد, فهي أكثر قوة وأكثر بذل من كلمة جهاد..
فمجاهدة أقوى وأعظم وتحتاج لمجهود أكبر من جهاد..
ولذلك فالحديث هنا عن مجاهدة النفس..
والموضوع هو عبارة عن كلمتين:
نفس و مجاهدة
ولكي
نتكلم عن الموضوع بشكل دقيق وجاد نتكلم أولا عن النفس وعن مشاكلها وذلك كي
نكون على علم عندما أقول لكم فلنجاهد ماذا نحن نجاهد ..
النفس:
ما هي النفس وما أنواعها؟..
أنواع النفس..
علمنا الله تبارك وتعالى في القرآن أن هناك ثلاثة أنفس تجمع كل نفوس البشر, ترى فأي نوع أنت؟!..
النوع الأول..
النفس الأمارة بالسوء..
قال عنها العلماء عند تفسيرها كلام موجع جدا..
هذه
النفس هي مأوى الشر في الجسد, بمعنى أن الشر كلما بحث عن مكان وجد هذه
النفس مستقر له, كما قالوا عنها أنها مستقر القبائح والرذائل, كما أنها
تزين الشر, وتجعل الإنسان معجب بالشر ليل نهار..
يصف الله تعالى نفسا في القرآن وهي تتكلم:"وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي..*53*"يوسف..
النوع الثاني..
النفس اللوامة..
وهي النفس التي تكثر من لوم صاحبها, فهو يقع في الرذائل فتوبخه هذه النفس
وتندم وتستشعر الندم والتقصير في حق الله..لماذا فعلت كذا وكذا..
يقول عنها الله تبارك وتعالى:"لا أقسم بيوم القيامة*1* ولا أقسم بالنفس اللوامة*2*"..
وهناك
أمر عجيب فهذه الآيات قد وردت في سورة القيامة, كأن الله تبارك وتعالى وهو
يحدثنا عن يوم القيامة يربط بين النفس اللوامة ويوم القيامة ربط عجيب جدا
يا أخوة, فكل السورة من مطلعها إلى منتهاها تتحدث عن أحداث يوم القيامة,
وفي نفس الوقت تهز هذه النفس - اللوامة- من الداخل التي سوف تتأثر بيوم
القيامة.
ومن ذلك:" لا أقسم بيوم القيامة*1* ولا أقسم بالنفس اللوامة*2* أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه*3*"..
وأيضا يحدثك عن يوم القيامة:"فإذا برق البصر*7* وخسف القمر*8* وجمع الشمس والقمر*9*"..
ثم يعود للنفس اللوامة:"أيحسب الإنسان أن يترك سدى*36*"..
ولهذا
نحن نتأثر بهذه السورة والكثير من الناس يحبونها ويحبون أن يحفظوها لأنها
تنوع ما بين النفس اللوامة أحداث يوم القيامة, كلاهما أحداثهما تسيران مع
بعض.
لهذا اختار الله تبارك وتعالى أن تبدأ السورة بعنوانها:" لا أقسم بيوم
القيامة*1* ولا أقسم بالنفس اللوامة*2*", ويقسم الحق تبارك وتعالى بكليهما
يوم القيامة والنفس اللوامة..
ولذلك النفس اللوامة دائما تحتاج إلى تذكرة بالآخرة..
فإن كنت تريد أن تكون نفسك لوامة....ذكرها دائما باليوم الآخر..
تريد أن تكون نفسك دائما خائفة ومستعدة للقاء الله عز وجل وليوم القيامة.... اجعلها نفس لوامة..
لوم نفسك على الذنوب تتذكر يوم القيامة.. وتذكر يوم القيامة تكن نفسك لوامة..
فكلاهما يؤثر في الآخر وبينهما علاقة طردية.
ولذلك في نفس السورة جاء ذكر للنفس العكسية للنفس اللوامة, فقد ضرب الله
سبحانه مثلا لعكس النفس اللوامة, فقد قال الله تبارك وتعالى:"بل يريد
الإنسان ليفجر أمامه*5*"..
أي
أن هذه النفس أو الإنسان الذي تكون نفسه عكس النفس اللوامة النفس الأمارة
بالسوء يريد أن يكون في فجور طول حياته أي أن حياته المستقبلية كلها فجور
في فجور بلا حساب, هذه هي النفس التي ليست لوامة..
ثم
تأتي الآية التي بعدها:"يسأل أين يوم القيامة*6*", معنى أيان أي أنحن وأين
يوم القيامة! (ابق قابلني!), لأنه يريد أن يفجر أمامه.. لم.. لأنه لا يريد
أن يتذكر يوم القيامة.. لم.. لأن نفسه ليست لوامة..
وهكذا نرى العلاقة بين يوم القيامة والنفس اللوامة, ولهذا كان ذكرهما الاثنين في سورة واحدة وآيات واحدة.
النوع الثالث..
النفس المطمئنة..
إذا كانت النفس الأولى الأمارة بالسوء هي مستقر الشر, فالنفس المطمئنة هي مستقر الإيمان والنور..
تخيل أن النفس المطمئنة أعز على الله وأحب إليه من الكعبة!..
لماذا؟..
لأن
هذه النفس هي مستقر الإيمان في الأرض, فهي نفس خاشعة, نفس متوكلة على
الله, نفس واثقة في الله, محبة لله, تأنس بالله وتشتاق إليه..
ولذلك
يقول عنها الله ويكرمها في القرآن:"يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك
راضية مرضية*28* فادخلي في عبادي*29* وادخلي جنتي*29*"الفجر..
أريتم التكريم والنظرة العظيمة إلى النفس المطمئنة..
لماذا سماها المطمئنة ولماذا لم يسمها النفس المؤمنة؟!..
لأن
كل الناس حيارى إلا هذه النفس, فالذي عرف الله لا يحتار أبدا, ومن عرف
الله واعتاد معرفة الله والوصول إلى الله وامتزجت روحه بحب الله عز وجل..
كيف يحتار!.. كيف يخاف! أليس "..ألا بذكر الله تطمئن القلوب*28*"الرعد..
فلو اطمأن القلب تماما وأصبح المعتاد أنه مطمئن أصبحت نفسه نفس مطمئنة فلا تخاف عليه..
كانت هذه هي أنواع الأنفس فأي نوع أنت, أين أنت من هذه الأنواع؟, أنت أي نوع من الثلاثة الأمارة أم اللوامة أم المطمئنة؟..
هل تصدقون يا أخوة أنا أخشى أن يكون هناك من يقول أنه ليس من أي نوع من هؤلاء الثلاثة!..
تخيل أنه بالفعل من الممكن أن يكون هناك فعلا إنسان نفسه ليست من أحد هذه الأنفس؟!!.
ألم نقل أن الأنفس ثلاثة أنواع!!..
لا بل هناك نفس رابعة لم تذكر ولا تستحق أن تذكر وهي النفس الغافلة الغير جادة..
فلا هو عاص..ولا هو طائع!..
لا هو مستقر للشر.. ولا هو مستقر للخير!..
لا يعمل المعاصي فيندم.. ولا يشعر بالحب إلى العودة الله فتكون نفسه لوامة!..
إذا ما هو؟؟!!... هو ضائع بلا قيمة..
يؤسفني أن أقول أن هذه النوعية كثيرة جدا.. إنها النفس الغافلة..
فلم
لم تذكر؟.. وذلك لأنها لا تستحق.. فهي غير جادة.. غير صادقة, أنا أخشى أن
يكون هناك أنا س هنا من هذه النوعية, جاء ليسمع, ولكنه لم يلم نفسه, ولم
يشعر أبدا بطمأنينة, وفي نفس الوقت أنه ليس مستقرا للشر..
فها أنا أعيش كما يعيش الناس .. نفس سيئة!!!!!!!......
تجدوا
هذا التعقيب وصدق كلامي عندما يتكلم ربنا عن أنواع الناس في قوله تبارك
وتعالى:"من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له
جهنم يصلاها مذموما مدحورا*18* ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن
فألئك كان سعيهم مشكور*19* كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء
ربك محظورا*20*"الإسراء..
وشرح ذلك:
" من كان يريد العاجلة.." إن كنت تريد الدنيا قل أنك تريد الدنيا فلتكن جادا, فحتى وأنت تعمل الشر فلتكن جادا..
"من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد.." خذ من الدنيا كما تريد..
" ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا "..
"
ومن أراد الآخرة .." لا يكفي أن تقول أنا أريد الآخرة, فهل من الممكن أن
تقرأ الآية على هذا النحو (ومن أراد الآخرة فألئك كان سعيهم مشكور ),
خطأ فهناك جزء ناقص, إنما الآية تقول:" ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو
مؤمن فألئك كان سعيهم مشكور*19* ", فلا يكفي أن تقول أنا أريد الآخرة كي
تكون نفسا مطمئنة, ولكن كي تكون نفسا جادة لابد أن"*..وسعى لها سعيها وهو
مؤمن فألئك كان سعيهم مشكور"..
ثم انظر للآية التي تليها..
"كلا"
أي الذين يريدون العاجلة والذين يريدون الآخرة.."كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من
عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا*20*", فكل نوع سيأخذ ما يستحقه..
فأين الصنف الثالث الذي يقع في النصف.. الصنف الذي لا ينتمي للدنيا ولا ينتمي للدين..
الصنف الذي يعيش في الدنيا فقط لأنه يعيش!!!!!!...
أصدقائي اليوم طائعين فأنا معهم سأذهب إلى الجامع اسمع ما يقال هناك!!..
ليلا سوف أقابل أصدقاء السوء وأكون معهم!!..
ماذا تريد؟.. لماذا تعيش؟.. ما هو هدفك؟!!!!!...نعيش وفقط!!!!!!!..
المرأة التي تعيش كل همها أن تربي الأولاد وأن يأكلوا ويشربوا وأطبخ وهانحن نعيش.. هذه نفس غير جادة لا تستحق أن تذكر..
يقول العلماء..( كلاً نمد) فأين يا ربنا الصنف الثالث الكثير في حياتنا... ليسو بجادين مع الله, فهم لا يستحقون أن يذكروا.
مرة أخرى..نفسك أي نفس من هؤلاء الأربعة.. اسأل نفسك..أنا أي نوع من هؤلاء
الأربعة؟.. ماذا تحب لنفسك أن تكون.. ولا يكفي ماذا تحب ولكن ماذا ستفعل؟.
فاليوم حديثنا عن مجاهدة النفس..
هاهي الأنواع الأربع للنفس عريناها ووضعناها أمام أعيننا..
فإما نفس أمارة بالسوء أو لوامة أو مطمئنة أو لا أستحق أن أذكر من النوع المسكوت عنه..
ولكن
فلننتبه لشيء معين, فأحيانا أنت شخصيا تتنقل بين الأنواع الثلاثة من
الأنفس, وأحيانا تكون نفسك نفس ثابتة من الميلاد حتى الوفاة..
نفس أمارة بالسوء والعياذ بالله من المولد حتى الممات, ونرجو أن لا يكون أحد منا هكذا أنا مطمئن لهذا الأمر..
وأحيانا
تعيش وتموت وأنت غافل.. عفوا سامحوني في القول كالبهائم, يقول الله
تعالى:"..لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا بيصرون بها ولهم آذان يسمعون
بها أولئك كالأنعام..".. ثم تكمل الآية وتقول لا لو كان عند الأنعام
قلوبا لفقهت "بل هم أضل..*179*" الأعراف..
أحيانا
النفس تثبت على نوع واحد غافلة من المولد حتى الممات, ولدت هكذا وستموت
هكذا لا يمنع أنها قد سمعت في مرة موعظة ولكن الأصل هو الغفلة, ليس هناك
سوى لعب الكرة والأصدقاء والخروج والعمل, والمهم أنه لا يعمل معاصي..
أعمل أتزوج وأنجب وأموت!!!!!غافل...
وأنتِ ما أصل حياتك.. أريد أن أتزوج واربي عيالي وأسكن في شقة جميلة وأن أأكل أكلة شهية ثم أموت!!! غافلة..
نحن لم نخلق لهذا, أصل حياتنا أننا طائعين من المولد حتى الممات..
أو أنها كانت فترة إلى أن سمعت الكلام الفلاني أو عرفت دوري في الحياة وأصبحت مؤمنا وتحولت إلى نفس مطمئنة أو لوامة وكلاهما خير..
فمن الممكن أن تكون نفسك مستقرة من المولد حتى الممات على حالة من حالات الأنفس الأربعة, ومن الممكن أن تمر في حياتك بتذبذب عجيب..
أحيانا مطمئنة باكية من خشية الله, وأحيانا لوامة بعد المعصية, وأحيانا تنسى نفسك!!!..
ويا
ترى خلال الشهرين القادمين كيف ستكون نفسك.. غافلة أم أمارة بالسوء أم أنك
ستحافظ على نفسك.. ولهذا درس اليوم اسمه مجاهدة النفس..
وفي
أحيان أخرى يمر البعض بالأربع حالات من حالات الأنفس في اليوم الواحد..
مطمئن في الصباح, وإذا نزل إلى الشارع انقلبت نفسه أمارة بالسوء, وإذا رجع
إلى البيت أصبحت نفسه لوامة, وإذا ما اختلى بنفسه في غرفته عادت نفسه
أمارة بالسوء..
فهو متذبذب بينهم.
ولكن انتبهوا.. النفس لها حالتين.. حالة في الدنيا وحالة في الآخرة:
في الدنيا تعمل نفسك ما تريد.. يقول الله تعالى:"ونفس وما سواها*7*
فألهمها فجورها وتقواها*8* قد أفلح من زكاها *9*وقد خاب من دساها*10*"
الشمس..
وفي الآخرة إما طائع وإما ضائع..
أنا
إن كنت طائعا فاسمع قول الله تعالى:"فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة
أعين.." السجدة..انظروا هنا لكلمة النفس فلا نستطيع أن نتخيل ما هو معد لنا
في الجنة من قرة أعين تجعل عينيك تقول الله أنا لم أر أحلى من هذا, أنا لا
أريد أن تزول عيني عن الجنة العظيمة... هذا لنفس المؤمن..
أما إن كانت نفسك في الدنيا على غير النفس اللوامة والمطمئنة فانظر إلى حالك وأنت ترى العذاب..
يصور
لنا الله سبحانه وتعالى هذه النفس وهي واقفة أمام العذاب:"أن تقول نفس يا
حسرتا على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين*56*" الزمر..لقد اتخذت
هذا الدين لعبا ومزاحا.."أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين*57* أو
تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين*58*"..
وساوس الشيطان ودواعي النفس..
استكمالا لآخر نقطة نتحدث فيها عن النفس وأنا أحاول أن أفتح أنفسنا أمام أعيننا, لابد من التفرقة بين وساوس الشيطان ودواعي النفس..
أي كيف أعرف أن هذه الوسوسة من الشيطان أو أنها من نفسي..
ففم تهمنا هذه التفرقة؟..
وذلك كي أعرف كيف أتعامل مع كل نوع بما ينبغي أن تعامل به..
ولمعرفة ذلك:
الشطان يوسوس للمعصية بداية فإن جاهدته أو رفضته تركك فورا وذهب إلى معصية
أخرى لأنه لا يريد معصية بذاتها إنما يريد أن يوقعك في كل أشكال المعصية,
وأي أنواع المعصية, فأي معصية تقبلها منه يقبلها هو منك, فإن رفضت المعصية
التي يعرضها عليك وقلت أعوذ بالله من الشيطان الرجيم سيتركها ويذهب إلى
معصية أخرى.
أما النفس فأمرها يختلف فهي تلح على معصية بعينها..
فحين
تجد نفسك تلح عليك لفعل معصية معينة فاعلم أنه ليس الشيطان ولكنها نفسك,
لأنها هي من تشتاق للون معين من المعصية, فتلح عليك..
بداية
لم يكن مصدر المعصية النفس بل الشيطان هو من وسوس بها فتقدم على فعلها
مرة فتلقفتها النفس فأعجبها ولم تعد تريد تركها أبدا وتظل النفس تلح
لفعلها, ولكن الشيطان إذا استعذت بالله منه تركها وبحث عن غيرها..
ولذلك
عادة اعتياد المعصية مرجعه إلى النفس إلى أن تصل إلى مرحلة لا يزين لك
فيها الشيطان هذه المعصية, بدليل أن هناك أناس بعد اعتياد المعصية لسنين
طويلة لم يعد يجد لذة المعصية, فإنه يفعل المعصية من باب الاعتياد ولو ترك
المعصية لتألمت نفسه ولم يعد يحب أن يتعب نفسه وذلك بسبب الاعتياد ومنشأ
هذه الأمر من ترك المجاهدة..
هل
عرفت الفرق بين مدخل الشيطان ومدخل النفس, فالشيطان سيبدأ معك ولذلك فهو
خطير فهو يفتح لك مائة طريق, ولكن النفس تختار طريقا وتتشبث بها كالطفل لا
تريد أن تتركه, فتجاهدها كالأب الذي يمنع ابنه عن التعلق بشيء يضره
فتستقيم.
إذا فمجاهدة النفس معناها فطام النفس عن الهوى, أي أن تفطمها عن الشهوات وتصر عليها فتتركك ويبقى الشيطان ينقلك من أمر إلى أمر..
ولذلك
يا جماعة من التفرقة الهامة بين النفس والشيطان تعرفها في رمضان, ففي
رمضان تصفد مردة الشياطين وتسلسل, إذا فالمعاصي التي تجتاح الأمة في رمضان
منشأها أنفس خبيثة وضعيفة, فمن المفروض أن تكون في منتهى القوة في رمضان
فكيف تأتي المعاصي؟, تأت من أنفس ضعيفة لها سنين طويلة لم تفطم لم تقل لها
في يوم لا, لا تعرف أن تقول لها لا, فأنت ضعيف أمام نفسك وصرت أسيرا لها,
كلما نادت عليك لشهوة استجبت لها!.. ما أضعفك!, ما هذا الوهن!. لم تربها في
يوم وقلت لها لا!..
يا جماعة كل يوم تأتيني أسئلة وأحيانا تكون الأمور محبطة, فهناك من يقول أنا لا أستطيع أن أهتدي..
أنا أخضر الدرس وبعدها بنصف ساعة أعود كما كنت..
أنا أشعر أنه لا فائدة..
أهلي وأصدقائي لا يساعدوني على الهداية..
فأين مجاهدتك أنت.. أين مجاهدتك لنفسك؟!..
هل عرفنا الأنفس..
ولننتقل إلى معنى جميل جدا.. معنى المجاهدة.. فقد عرفنا النفس ومشاكلها
وكيف نضعف أمامها وأنواع الأنفس, ومتى تكون المعاصي من الشيطان ومتى تكون
من النفس, فلنتحدث الآن عن المجاهدة, ثم بعدها سنضعهم مع بعضهم ونتحدث عن
مجاهدة النفس..
المجاهدة..
المجاهدة يا جماعة من بذل الجهد كما قلت, يقول الله تبارك وتعالى:"والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا..*69*" العنكبوت..
إن
جاهدت في الله فسوف يهديك, ولكن انتبه فليس المقصود من جاءوا ليحضروا
درسا في الجامع, فلابد من الجهاد, وليس الأمر أن تقول يا رب لم صددتني عن
طاعتك وقد جئت مرة لأحضر درسا, لا.. فلابد من المجاهدة..
ليس بالسلاح وحده تكون المجاهدة..
يعتقد البعض أن معنى المجاهدة في الآية أي من حملوا السلاح في سبيل الله,
وهو بالفعل لون من ألوان الجهاد, ولكن لا يا جماعة, فأنا أريد أن أقول لكم
معنى جديد عليكم جميعا, فالجهاد لا يعني فقط أن تجاهد أعداء الله بالسيف أو
بالسلاح, أبدا فليس هذا هو المعنى المقصود..
فالجهاد في اللغة معناه بذل الجهد, بذل الطاقة لله عز وجل, هذا هو معنى الجهاد..
لقد قسم العلماء الجهاد إلى أربعة عشر جزءا, جزء منهم الجهاد بالنفس..
ولذلك عندما جاء للنبي صلى الله عليه وسلم سيدنا معاذ بن جبل قال له:"يا معاذ ألا أدلك على رأس الأمر"أي أهم شيء في الوجود..
فقال:"نعم يا رسول الله"..
فقال
النبي صلى الله عليه وسلم:"رأس الأمر الإسلام, وعموده الصلاة, وذروة سنامه
الجهاد"..فأهم شيء في الوجود هو دينك, أما ذروة سنامه فتعني أعلى شيء في
الإسلام, والناس إذا سمعت هذا الحديث قالت أعلى مكان في الإسلام أن تجاهد
أعداء الله بنفسك, ولكن المعنى أكبر من ذلك, فذروة سنام الإسلام أن تجاهد
الأربعة عشر منزلة للجهاد, وهذا الكلام ليس كلامي بل هو كلام العلماء, يا
جماعة سوف يأتي وقت على الأمة كوقتنا الحالي لا يوجد به جهاد بالسيف
والنفس, فهل يعني هذا أنه لم يعد مكتوب على الأمة الجهاد؟!..ولا يوجد شخص
من المجودين يصلح أن يطلق عليه مجاهد؟!!..أبدا.. فالجهاد أربع عشرة نوع
مقسمين, ومجاهدة النفس تحتها خمس أنواع, وهي أكثرهم..هل تصدق!..
فمجاهدة
النفس خمس أنواع, ومجاهدة الشيطان نوعين, ومجاهدة العصاة والفاسقين ثلاثة
أنواع, أما مجاهدة الكفار فهي أربع أنواع, فأكثرهم هي مجاهدة النفس..
هذا الكلام ليس كلامي بل كلام علماء السلف, العلماء الأقدمين هم من قالوا هذه الكلام, راجع كلام ابن القيم فهو من يقول هذا الكلام..
ولنتناول
هذا الأنواع كي تعلم أنك من الممكن أن تأخذ لقب مجاهد وأنت تجلس في
المسجد وتكون قد بلغت قمة الإسلام رغم أنك لم تجاهد بالنفس..
من المهم أن يفهم هذا المعنى يا شباب..لم؟..
لأنك
حين تعلم أن جهاد النفس جزء من الجهاد, وحين تفتح باب الجهاد وترى أنه جزء
من الجهاد, وأنا لا أقلل من الجهاد بالنفس فهو من أعلى قمم الإسلام
والشهادة في سبيل الله من أعلى القمم, لكنك من الممكن أن تكون مجاهد وأنت
تجلس في بيتك,..كما أن هناك البعض يقول أن المجاهدة أي مقاومة النفس ولكن
لا فأنت بهذا الأمر تعمل أكبر شيء في الإسلام وقمة الدين..
إن الصحابة ظلوا في مكة أربع عشرة سنة ولم يحارب أحد منهم الكفار, ولكن هل يستطيع أحد أن يقول أنهم لم يكونوا مجاهدين في مكة!!..
وهل منا من يستطيع أن يقول أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن مجاهدا في مكة!!..
فكيف كان يجاهد الصحابة إذا؟!..كان ذلك بالأنواع الأخرى من الجهاد التي سأذكرها الآن..
أنواع الجهاد:
جهاد النفس:
1- مجاهدتها في دفع ما تأمرك به من شهوات.
2- مجاهدة النفس في تعلم العلم...
تعلم
دينك, فمن العيب يا جماعة أن يكون هناك آلاف لا يستطيعون أن يقرءوا
القرآن, فاذهب وتعلم دينك وتعلم العلم للإسلام, وانجح في كليتك من أجل
الإسلام, وتعلم قراءة القرآن واذهب إلى مقرأة قرآن واحفظ الجزء الثلاثين ..
اشتر فقه السنة وتعلم منه, اشتر رياض الصالحين واحفظ أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم واقرأ منها..
نفذ هذا الكلام وأخبر به أصحابك
3- في العمل بما تعلمت.
4- في دعوة الناس إلى العمل بما تعلمته أنت وعملت به.
أصدقاءك وأقرباءك وجيرانك..
5- الصبر على مشاق الدعوة.
كبعض السخرية من أصدقاءك, أو أن يضايقوك في بيتك لأنك محجبة فاصبري, فعليكم التحمل في سبيل هذا العلم والعمل به.
إن قمت بعمل هذه الأمور الخمسة أتعلم صرت في أي منزلة؟..لقد صرت في منزلة الربانيين, لقد صرت عبدا ربانيا..
"عبدي أطعني تكن ربانيا تقول للشيء كن فيكون"..
إن قمت بهؤلاء الخمسة فانتقل إلى مجاهدة الشيطان أو قم بهم على التوازي.
مجاهدة الشيطان:
1- مجاهدة الشيطان في دفع شهوات يعرضها عليك بالصبر.
2- مجاهدة الشيطان في دفع شبهات يلقيها عليك باليقين بالله..
كأن يقول لك أين الله, ما أدراني أن هناك جنة وهناك نار..
فإذا
فعل معك هذه الأمر إياك أن تقول أن نفسك خبيثة, إنها ليست نفسك إنه
الشيطان هو من يسول لك هذه الأمور, فالشبهات ليست لأن النفس سيئة بل إن
الشيطان هو من يلقيها, فإذا استعذت بالله وطردتها طردت..
إن قمت بفعلهما أصبحت إماما للمؤمنين.. يجتبيك الله ويجعلك قائدا للمؤمنين وإماما من أئمة الدين.
مجاهدة العصاة البعيدين عن الله والمفسدين..:
باليد
لو كنت مسئولا عنهم, كأهل بيتك أو قسم في عملك, أما إن كنت غير مسئول فلا
يمكن أن تجاهد باليد أبدا, والكلام واضح يا جماعة حتى لا يفهم كلامي خطأ..
فإن لم تستطع..
باللسان,
فإياك أن ترى شيئا محرما وتسكت, فاذهب وقل, قل بأدب, قل بأدب الإسلام الذي
تعلمناه, ولكن إياك أن تقول وما شأني, فلا يوجد مسلم يقول وما شأني..
فإن لم تستطع أن تجاهد باليد أو اللسان..
فبالقلب..وذلك أضعف الإيمان.
مجاهدة الكفار:
بالقلب وذلك بأن تكرههم وألا تحبهم, وألا تقلدهم أو تنبهر بهم..
وباللسان..
وبالمال تنفقه في سبيل الله..
وبالنفس..
هل رأيت فالجهاد بالنفس هو جزء من أربعة عشر جزءا, صحيح أنه جزء مهم, ولكنك لديك مراتب عظيمة جدا جدا جدا..
تخيلوا يا جماعة..
من الممكن أنت وأنتِ تجلسون من الممكن أن تكونوا مجاهدين!..كيف ذلك..
وذلك بمقاومة الشهوات ولكن ذلك لا يعني عدم فعل المعاصي ولكن الأصل هو المجاهدة..
أنا أريد منك أن تقبل أن تتمنى أن يكون اسمك مجاهد في سبيل الله, وكيف ذلك..
بالصبر على طاعة الله..
بدفع شبهات وشهوات الشيطان..
بأن تأخذ أصدقاءك إلى طريق الله..
بأنك إذا رأيت أمر خطأ قلت هذا حرام ولا يصح هذا الأمر بأرق وأهدأ السائل وبالطريقة المناسبة..
إن قمت بهذه الأمور صرت مجاهدا..
إن
أفضل الخلق هو من أتم مراتب الجهاد, ولذلك فأفضل الخلق هو رسول الله صلى
الله عليه وسلم, لأنه الوحيد الذي مكنه الله عز وجل من إتمام مراتب الجهاد,
ولا أريد أن أقول أنه الوحيد ولكنه كان المثل والقدوة في استكمال مراتب
الجهاد, وانظر إليه وهو يوصل الدعوة في الآفاق حتى أن يقول له الله
تعالى:"فلعلك باخع نفسك على آثارهم..*6*" الكهف..أي على مهلك يا محمد فكأنك
سوف تموت نفسك كي يكونوا مؤمنين..
وانظر للبذل فهاهو يجاهد وينفق من ماله ويجاهد الشيطان ويهدي أصحابه..
ويأت أصحابه من بعده مجاهدين لله عز وجل ويدفعوا الشياطين ويقاوموا أنفسهم ويجاهدوا أنفسهم..
هذه هي أنواع المجاهدة, فترى كم مرتبة منها أكملت أنت, هل تتعلم دينك, هل
حفظت شيئا من القرآن فلتحفظ حتى الجزء الثلاثين والتاسع والعشرين على
الأقل, هل قرأت في التفسير, هل قرأت في كتاب فقه السنة, هل قرأت في كتاب
رياض الصالحين, هل قرأت سيرة النبي صلى الله عليه وسلم أم أنك لا تعرف شيئا
عن سيرة نبيك وعن حياته اقرأ كتاب الرحيق المختوم عن سيرة النبي صلى الله
عليه وسلم, هل قرأت في تفسير ابن كثير, هل قرأت تفسيرا وتعمقت فيه, هل
تعلمت قراءة القرآن, هل حضرت مقرأة لتعلم القرآن فهذا هو المطلوب منك كي
تتعلم وإن فعلته فسوف تكون قد تعلمت ويفتح الله عليك بعدها بما يفتح عليك,
هل تنفذ ما تسمعه في الدرس أليس هذا أحد مراتب الجهاد, هل أخذت بيد أحد
أصدقاءك, هل كلمت الناس في الدين, هل حرصت أن تنفذ حديث النبي صلى الله
عليه وسلم "بلغوا عني ولو آية" فيما تعلمت, هل قاومت نفسك ودفعت شهواتك,
هل قلت لنفسك لا لن أفعل هذه المعصية.
الخلق متفاوتون عند الله عز وجل لتفاوتهم في مراتب الجهاد, فيا سبحان الله..
فهل تريد أن تكمل هذه المراتب؟..
ما الذي يمنعك؟, هل تعلم ما الذي يمنعك.. مجاهدة النفس..
وهيا
لنركب الكلمتين على بعض.. فهاهي نفسنا وهاهو تعريف الجهاد, لقد قلت تعريفا
طويلا,ولكني كنت أحب تسأل نفسك هل من الممكن أن أكون مجاهدا يا رب.. نعم
من الممكن..
وهل
من الممكن أن أضع لنفسي هدفا كي أكمل مراتب الجهاد.. نعم من الممكن.. إلا
الجهاد بالنفس إلى أن يأذن الله تبارك وتعالى بطريق ترضاه الدولة, فلا يصح
أن يقول شخص وحده أنا سوف أجاهد بالنفس بل لا بد من الطريق الصحيح, ولكن
أكمل الباقي..
فأين أنت من مجاهدة نفسك..
أين أنت من مجاهدة شيطانك ودفع الوساوس.. إلى آخر هذا الكلام..
كلام العلماء عن المجاهدة..
قال العلماء عن المجاهدة كلام عجيب جدا وجميل جدا..
يقول أحد التابعين:"إن أول شيء يستحق أن تجاهده نفسك التي بين جنبيك فإنك
إن انتصرت على نفسك كنت على غيرها أقدر وإن انهزمت أمام نفسك كنت عن غيرها
أعجز"..صحيح.. فانتصروا على أنفسكم يا أخوة تنتصروا على الدنيا وما فيها,
ولكن لو هزمت أمام نفسك وكنت ضعيفا أمامها فكيف تكون قويا أمام غيرها!..
قال إبراهيم بن علقمة أحد التابعين عندما وجد الجيش عائدا من جهاد
الأعداء:"رجعتم من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر"..لقد قيل هذه الكلام
عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكن في حديث ضعيف, لكنه ورد عن كثير من
التابعين فكلما وجدوا الجيش عائد وهم سعداء بسبب الانتصار قالوا لهم هذه
المعنى..
يقولون:"وما الجهاد الأكبر؟"..
فيقول:"جهاد النفس"..
يقول أحد التابعين كلمة جميلة:"ما الدابة الجموح – كالحصان الجموح الذي
يروضه صاحبه- أحوج إلى لجام من نفسك".. صحيح.. فكر فيها فأكثر شيء يحتاج
إلى لجام نفسك فهي تركض وراء الشهوات.
بالله عليك ألا تتضايق من نفسك عندما تجدها تمسك بك من رقبتك وتذهب بك حيث تريد هي..حيث المعاصي و و و, وأنت تمشي وراءها.
هل وصل أحد في يوم من شدة المجاهدة أن يحاسب نفسه على أفعاله قبل أن تنام, جربوا هذا الأمر يا جماعة فهذا ما سوف يعين على المجاهدة..
وأنت في سريرك اسأل نفسك..
لماذا فعلت كذا.. ماذا فعلت اليوم أصلا..لقد اغتبت فلانا اليوم.. لقد كذبت.. لقد نظرت النظرة الحرام..
الحمد لله لقد صليت اليوم في الجامع.. فلتحاسب نفسك كل يوم فالمحاسبة سوف تؤدي إلى المجاهدة وتصمم أن تكون في اليوم التالي أفضل..
يقول أحد التابعين:"أعداء النفس ثلاثة: الدنيا والشيطان والنفس, فحارب
الدنيا بالزهد فيها, وحارب الشيطان بدفعه – قل أعوذ بالله من الشيطان
الرجيم وغير نيتك وابتعد-, وحارب نفسك بمجاهدتها"..
ولذلك يقول آخر:"الذي لا يجاهد نفسه عبد ذليل أسير"..
فمن لا يجاهد نفسه يكون عابد لنفسه, والدليل على ذلك قول الله تعالى:"أرأيت من اتخذ إلهه هواه..*43*" الفرقان..فهو عبد لنفسه.
بالمناسبة يا أخوة ينادى يوم القيامة :"من عبد شيئا فليأت خلفه" تخيل..
فتخيل
أن يأتي أحد ويقف خلف هواه لأنه عبد هواه, والعبادة هنا ليست بمعنى سجد
وركع أو انه لم يكن مسلما, بل كان مسلما وموحد لكن كل ما يحركه في دنيته
هواه..
وذلك كمن عبد المال:"تعس عبد الدرهم" تخيل أن يقف خلف المال..
أما من عبد الله فتخيل فرحته..
تخيل الفرق الشاسع بين عبد الله عز وجل وعبد للدرهم وعبد للنساء وعبد للشهوات وعبدة للموضة و و و..
فماذا تختار يوم القيامة,, لماذا لا تجاهد نفسك.
يحكي ابن القيم عن أستاذه ابن تيمية العالم الجليل أنه قد سجن على يد
التتار عندما دخلوا بلادنا واجتاحوها, وعندما سجنوه يقول ابن القيم:"دخلت
على أستاذي وهو مسجون فنظرت إليه فبكيت فقال لي:
أتبكي لحالي؟
قلت نعم..
قال: لا والله لا يا بني لست أنا المحبوس, لست أنا المأسور, المحبوس من حبس قلبه عن ربه, والمأسور من أسره هواه"..
تخيل..فالأسير هو من يسيره هواه, الذي لا يستطيع أن يجاهد نفسه..
ترى ألا يدعوك هذا الكلام إلى مجاهدة النفس؟!..
يوصي عبد الله بن عمر رضي الله عنه أحد أصحابه وقد كان يريد أن يجاهد, فقال له:"ابدأ بنفسك فجاهدها, وابدأ بنفسك فاغزها"..
فكيف تغزو نفسك؟..
سوف أقلع عن تدخين السجائر, كيف أكون أسيرا للسجائر, كيف أعرف أنها خطأ وأنها سوف تميتني وأدخنها..
أنا لا يمكن أن تملكني عادة..
لا يمكن أن أضع في فمي أي شيء محرم كالبانجو وغيره.. لابد أن أقاوم وأجاهد نفسي..
إذا
كنت أعرف بناتا وأكلمهن وأصحابهن بشكل يغضب الله تبارك وتعالى فمن اليوم
جهاد لا بد أن أغض بصري لابد أن أحاول وأبذل الجهد.. أليست هذه هي مجاهدة
النفس..
لا بد أن أصاحب الصالحين وأن أصبر على صحبتهم, :"واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي..*28*"الكهف..
إن
كنت أغضب فلابد من أن أتوقف عن هذا الغضب, يقول النبي صلى الله عليه
وسلم:"ليس الشديد بالصرعة – الذي يضرب- ولكن الشديد الذي يملك نفسه عند
الغضب"..يملك نفسه.. فنفسي هي ملكي أنا من أسيطر عليها وليس العكس..
دعني أسألك سؤالا.. من الذي يسيطر على من؟ أنت تسيطر على نفسك أم نفسك تسيطر عليك..
لا تقل لي أنا أغضب فمن الذي يسيطر على من..
لا تقل لي أنا لا أستطيع أن أترك الذنب الفلاني والله لقد حاولت ولا أستطيع..
فأين المجاهدة..
"والذين
جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا..*69*" العنكبوت, هذا قرآن يا أخوة فلا يمكن
أن تجاهد في الله ويتركك, يا جماعة احفظوها كقاعدة: لا يمكن أن تحاول
وتعافر وتجاهد في سبيل الله أن تجاهد نفسك ويتركك..
"من تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا" لا يمكن أن يتركك فهذا أمر ورد في القرآن والسنة.. كيف تجاهد ويتركك..
نماذج من المجاهدين في الله حق المجاهدة.. 45 13
يحكي سيدنا ربيعة بن كعب الأسلمي يقول:"كنت أبيت عند النبي صلى الله عليه وسلم أخدمه, أعد له وضوءه, فجئته ليلة فقال:
يا ربيعة سلني.. – تخيل أن يقول لك النبي صلى الله عليه وسلم ماذا تتمنى, وربيعة كان عنده سبع عشرة سنة-..
فقلت: يا رسول الله دعني أفكر..
فجلست أتذكر الدنيا وزوالها, فقلت: لا أطلب إلا الآخرة..
فعدت إليه وقلت: أسألك مرافقتك في الجنة..
فقال: يا ربيعة أوَ غير ذلك؟.. – ألا تريد شيئا آخر-
قلت: هو ذاك.."
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ونرى هنا المجاهدة:"إذا أعني على نفسك بكثرة السجود"..
اسجدوا يا أخوة.. أكثروا من الصلاة, وقل أن كل سجدة أسجدها لك يا رب تقربني من مرافقتك يا نبي الله في الجنة..
الكلام لم يكن لربيعة خاصة بل لكل من أراد أن يكون رفيق النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة..
انظروا ماذا قال له, أعني على نفسك..
قوما
صلوا قيام الليل يا شباب.. أختنا الغالية قومي صلي قيام الليل أعينينا على
نفسك بكثرة السجود كي تكوني رفيقة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة..
لقد
قال له أعني على نفسك..جمد نفسك.. يا أخوة من كثرة أننا لا نقاوم أنفسنا
سنين طويلة أصبحنا نتخيل أنه لا يمكن أن يكون الوضع إلا بهذه الصورة.. أبدا
فمن الممكن أن نكون أقوياء..
وسوف أضرب لكم مثلا..
ففي
المائة سنة الأولى من عهد النبي صلى الله عليه وسلم حتى نصف مدة حكم
الدولة الأموية كان عدد مرات تطبيق حد الزنى ست مرات فقط في الدولة
الإسلامية.. كيف ذلك.. أعطوني عقولكم.. كيف!!!..
إنها
أمة تعلمت المجاهدة,,هذه الأمة قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم بسنة
واحدة كان يعلق في مكة رايات حمر.. أتعرفون ما هي هذه الرايات الحمر؟..
معناه أن أي بيت يوضع أمامه هذه الرايات هو مكان للفاحشة فمن أراد فليأت..
وذلك داخل مكة..الفاحشة تملأ كل مكان..
ولكن
منذ أن بعث النبي صلى الله عليه وسلم وأخرج رجالا علمهم المجاهدة وهم لم
يكونوا يعرفون هذه الأمور ولكنهم تعلموه وأصروا عليه..فكانت النتيجة مائة
سنة لم يطبق فيها حد السرقة إلا أربع مرات فقط! وذلك في المائة سنة الأولى
..
هاهو عمر بن الخطاب يذهب إلى ِأبي بكر الصديق بعد أن عينه قاض ويطلب منه أن يعزله لأنه له سنتين لم يأته من يتشاجر مع الآخر!..
كيف
وصلوا إلى هذه الدرجة مع أنهم منذ فترة قليلة كانوا عصاة.. كانوا يئدون
البنات أحياء فإلى حد وصل الجرم.. كانوا بنتظرون أن تتم ثماني سنوات حتى
يتشفى فيها بل ينتظرها حتى تعقل لا يئدها وهي رضيعة..
ولكن نفس الشخصية التي كانت تئد البنات أصبحت شخصية أخرى بمجاهدة النفس..
أنت
تستطيع.. أنت مسلم وفي بلد مسلمة والشعائر تقام والمساجد موجودة والأصحاب
الصالحين موجودين تستطيع أن تكون أفضل.. تستطيع لو أردت.. لو جاهدت نفسك..
انظر ماذا يقول سيدنا أبو بكر لسيدنا عمر وهو يستخلفه:"قال يا عمر أول ما أحذرك نفسك التي بين جنبيك"..
أيحتاج سيدنا عمر أن يقال له هذا الكلام ومع ذلك فقد قاله له أبو بكر فهل سمع الكلام عمر؟..
لقد سمعه ولزمه حتى مات..
يقول
أنس بن مالك:"أسير يوما بجوار جدار في المدينة فسمعت صوت عمر يبكي,
فاقتربت من ظهر الجدار أسمعه ولا يعرف بوجودي فسمعته يقول: عمر بن الخطاب
أمير المؤمنين.. بخ بخ – يوبخ نفسه- كنت بالأمس عميرا فصرت عمر لتتقين الله
يا ابن الخطاب أو ليعذبنك"..
أرأيت ماذا يفعل عمر بن الخطاب مع نفسه..
ويصعد
مرة على المنبر ويقول:"إني كنت أرعى الغنم لخالاتي بمكة كنت أغسل تحت
الغنم وأمسح الوسخ من تحت الغنم وأحلب الغنم مقابل تمرات يعطونني إياها"..
ثم نزل من على المنبر فقال له علي بن أبي طالب:"والله يا أمير المؤمنين ما أراك إلا وبخت نفسك"..
قال:"هذا ما أردت, فقلت لها تذكري فأعلنت ذلك على الملأ" فقد أحب أن يؤدب نفسه ..
انظر لهذا المثل العجيب علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه يظل الليل
يصلي ويصلي ويصلي ويأت في آخر الليل يسمعونه يقول وقد مسك بلحيته وبكى:"يا
دنيا غري غيري أإلي اشتقت قد طلقتك ثلاثا.. قد طلقتك ثلاثا.. قد طلقتك
ثلاثا..
فخطرك عظيم.. وسفرك قصير.. آه آه من قلة الزاد وبعد المسير"..
أرأيت كيف يربي نفسه من كان أميرا للمؤمنين للعالم الإسلامي كله ومع ذلك أرأيت كيف يؤدب نفسه ويخاف عليها..
يا أخوة فلتكونوا يقظين كالإمام علي..
أنا لا أريد أن أكون سيئا بل لابد أن أكون جيدا.. لابد أن أستقيم على طاعتك يا رب..
هذا أحد التابعين يقول كلمة عجيبة جدا نحن جميعنا بحاجة إليها يقول وهو
يكلم نفسه:" يا نفس لا أنت من أهل الملوك فتتنعمين كما يتنعم الملوك, ولا
أنت من العباد فتقتربين من الله كما يقترب العباد, فأين أنت يا نفس لا من
هؤلاء فتتنعمين ولو في الدنيا, ولا من هؤلاء فتنعمين في الآخرة أين أنت يا
نفس"..
والله
يا أخوة أنت محتاج أن تسأل هذا الكلام لنفسك, هل من أحد مستمع بالدنيا
استمتاع كبير جدا بحيث يقول أنا لا أستطيع أن أتركها.. الدنيا مليئة
بالمنغصات فلم لا تريد أن تتركها, فلتجاهد نفسك ولتكن قويا..
لقطة أخرى عجيبة, فليس المطلوب منك أن تجاهد نفسك في الحرام فقط, ولكنك
أحيانا تحتاج أن تجاهد نفسك في المبالغة في اللذات حتى لو كانت حلالا, وسوف
أضرب لكم مثلا عجيبا جدا..
فقد
دخل في مرة مالك بن دينار إلى السوق فوجد طعاما يحبه فاشتراه, ثم وجد
طعاما آخر فاشتراه, ثم وجد سلعة أخرى مما يحب ولكنه قال:"لا والله لا
أشتريها"..إنه يربي نفسه..وتوقف عندها وقال كلاما جميلا جدا:"يا نفسي اصبري
فوالله ما أمنعك عنه إلا لكرامتك علي".. فهو يمنع نفسه لحبها له..
وفي مرة وجد سيدنا عمر بن الخطاب رجلا يمشي في السوق يستدين مالا ليشتري فاكهة يحبها, فقال: لم تفعل ذلك؟..
قال: أشتهيها..
فقال له: أوكلما اشتهيت شيئا اشتريته؟..
قال:نعم..
فأخرج عمر بن الخطاب دِرته وضربه بها..
يا أخوة نحن لا ننتبه لهذا الأمر, فهل منا من يؤدب نفسه بهذه الطريقة..
مجاهدة النفس يا اخوة..
الكلمة الأخيرة.. إلِس في بلاد العجائب..
لقد شارفت على الانتهاء, ولكن لي كلمة أخيرة أريد أن أقولها قبل أن أختم..
يا
اخوة لابد أن نقاوم شهواتنا, يا اخوة لابد أن نكون رجالا مع الله تبارك
وتعالى, فإنك لو جاهدت نفسك ستكون رجلا عظيما... وستكونين امرأة عظيمة..
معقولة
يا اخوة عندما نسمع عن شخص مثل سيدنا علي بن أبي طالب حمى النبي صلى الله
عليه وسلم ونام في فراشه عند هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وهو في العشرين
من عمره!!.. في العشرين من عمره واعتمد النبي صلى الله عليه وسلم عليه,
وكانت الهجرة متوقفة عليه..
"يا علي نم مكاني, وتغطى بغطائي"..
وبالفعل ينام سيدنا علي في مكان النبي صلى الله عليه وسلم, فلو كان هذا شخصا أسيرا لشهواته لم يكن من الممكن أن يستطيع فعلها...
يا جماعة تحرروا من شهواتكم كي تكونوا رجالا.. كي يرضى الله تبارك وتعالى عنكم ويكبركم ويكون لكم قيمة لكم قيمة لهذا الدين..
قاوم شهوتك ليوم يرفع الله درجاتك أياما..
قاوم شهوتك سنة يجعلك الله من العباد..
هل تعتقدون يا اخوة أن العلماء والوعاظ ومن نحكي عنهم بدءوا وهم على هذه المكانة؟!..
لقد جاهدوا أنفسهم إلى أن أعلى الله شأنهم..
علي بن أبي طالب ينام في الفراش ويعتمد عليه النبي صلى الله عليه وسلم وهو في العشرين فماذا فعلت أنت وأنت في العشرين..
وقد سئل عن هذه الليلة: كيف كانت هذه الليلة يا علي..
قال: كانت أهدأ ليلة نمتها في حياتي..
وذلك لأنه كان رجلا رغم أنه كان في العشرين..
وأيضا
النساء.. والبنات اللاتي يقلن لا نستطيع أن نقاوم المعاصي, وعندي مشاكل
وزوجي يظلمني فلا أستطيع أن أتفرغ للعبادة..فأسماء بنت أبي بكر التي كانت
تحمل الطعام من مكة إلى غار ثور كل يوم وتسير خمسة كيلومترات كانت حاملا في
سبعة أشهر كانت في الثالثة والعشرين من عمرها, كانت أول من أنجبت طفلا في
المدينة بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم,أي أنها كانت حامل واعتمد النبي
صلى الله عليه وسلم عليها..
إن من نصر النبي صلى الله عليه وسلم في هجرته كانوا من الشباب الصغير, فأين الشباب الآن؟..
أين مقاومتك لنفسك.. أيعقل أن يكون هدفكم من الحياة طعام شهي ونزهة جميلة وأغان جميلة!!..
أهذه هي قضيتك في دنيتك؟!!..
ما هي أهدافك؟..
لقد
فوجئت سبحان الله بقصة عجيبة.. قصة من قصص الكرتون اسمها إلس في بلاد
العجائب, قصة مضحكة من الكرتون الذي يعرض للأطفال..هي قصة طفولية ولكنها
معبرة..
فالفتاة التي تدعى إلس كانت تمشي فوجدت قطا صغيرا فقالت له وهي تقف على مفترق طرق: يا قط أين أذهب..
فقال لها القط: أين تريدين؟..
قالت: لا أعرف..
قال: فامشي في أي طريق..
وضحت القصة أم لا.. فطالما أنك لا تعرفين أين تريدين أن تذهبين فكل الطرق سواء..
فما هدفك أنت؟!..
ماذا تريد؟..
حدد هدفك..
ماذا تريدون أنتم يا أخوة..
أتريدون الله؟..الطريق واضح..أنتم لا تحتاجون إلى محاضرات طويلة, أنتم تحتاجون إلى تذكرة من آن لآخر..
اسلك طريق الله ولكن حدد هدفك..
صدقني
لو أنك لا تعلم ماذا تريد.. فسوف تتشتت وتتلطم في الدنيا وتموت وأنت لا
تعلم ماذا تريد, وفي يوم القيامة لن تعرف أين تقف وإلى من تذهب.. حدد
هدفك..
محمد الفاتح فتح القسطنطينية أي استنبول, أتعلمون لم؟.. وذلك لحديث سمعه
عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد كان بين عهده وعهد النبي صلى الله عليه
وسلم ستمائة سنة..
لقد سمع في كتب الأحاديث حديث أن الصحابة قالوا: يا رسول الله أي المدينتين تفتح أولا قسطنطينية أم رومية - إيطاليا-..
فقال: لا قسطنطينية تفتح أولا, فنعم الجيش جيشها, ونعم الأمير أميرها..
فتخيلوا شاب يجلس في درس علم سمع هذا الحديث, فحفظ القرآن, واجتنب المعاصي وتعلم العلم وعاش للإسلام وفتحت القسطنطينية على يديه..
وصار نعم الأمير أميرها محمد الفاتح وفتح للإسلام استنبول..
فماذا تريد أنت, يا اخوة الخطوة الأولى هي أن تجاهد نفسك..
الخطوة
الأولى هي أن تقول لنفسك لا.. أن تقول لنفسك سأقوم لأصلي قيام الليل..قولي
لنفسك سوف أرتدي الحجاب.. قل لنسفك لن أكذب لن أغتاب.. سوف أبر أبي وأمي..
سامحوني يا أخوة لانفعالي ولكني يعز علي الشباب, وتعز علي نفسي لأنني أنا أيضا أحيانا أضعف, نريد أن نكون جميعنا رجالا لله عز وجل..
يقول ابن القيم يخاطب الأنفس الخائرة والناس الضعيفة ومن لا يريدون أن يأخذوا يوما بقوة:
يا
ضعيف العزم إن الطريق – طريق الله- شاخ فيه نوح – تسعمائة وخمسين سنة-,
وذبح فيه يحيى, ونشر فيه زكريا بالمناشير, وألقي في النار إبراهيم, وعذب
فيه محمد صلى الله عليه وسلم, وأنت تريد الإسلام السهل الذي يأتيك إلى
قدميك..
انظر.. انظر كم الناس كي تكون أنت مسلما..
أيها الاخوة حددوا هدفكم في الحياة..
حدد ماذا تريد, فلو حددت هدفك فسوف تستريح, ولتكن جادا وجاهد نفسك, فلابد أن تقاومها.
يعينك على مجاهدة النفس السبع أمور التي ذكرتها في الدرس الماضي, هذه هي الوصفة إن كنت تريد أن تصل إلى الله عز وجل..
لقد
جُربت هذه الوصفة ولقد عشتها ورأيتها في المئات غيري, ولم يصل أحد إلى أن
يكون طائعا لله من الحاضر أو الماضي إلا بالتزامه الطريق الذي ذكرته المرة
الماضية, وهي:
اترك الإصرار على المعصية, حتى إن عصيت فلا داعي للإصرار أكرمك الله.
اترك أصحاب السوء.
ابدأ
صلي في البت صلاة بصلاة في أول الوقت, وابدئي صلي في البيت في أول الوقت,
ثم ابدأ صلي في المسجد بالتدريج ولا تقم بفعل كل شيء مرة واحدة ولكن ضع
الهدف أمامك وأنت تقوم بفعل هذه الأمور..
فانزل صلي فرضا في المسجد فإن استوعبها قلبك صلي فرضا آخر ثم الثالث حتى تصل إلى آخر فرض ولتكن صلاة الفجر..
إذا
ضبط الصلاة في المسجد فاحضر مقرأة وأنتِ أيضا وتعلموا التجويد في أي مسجد,
وابدأ في تعلم القرآن واحفظ الجزء الثلاثين واقرأ تفسيره وتعلم تجويده ثم
صلي به قيام ليل..
وأكثر جدا من الذكر والدعاء فهم سلاحيك..
إذا قمت بذلك فإذا جئت المسجد فسوف تصاحب الصالحين, أكثر من صحبة المؤمنين..
إن قمت بذلك خذ بيد الناس على قدر ما استطعت..
إن قمت بفعل هذه الأمور إن شاء الله سوف تكون حبيب الله عز وجل, وسوف تستديم على طاعة الله..
هذه هي الخطوات التي لابد أن تتبعها..
وصية للشباب والشابات..
لقد انتهيت تقريبا من الدرس والشيء الأخير هي وصية أطلبها من الشباب والبنات, برجاء.. أوصيكم بثلاثة أمور غاية في الأهمية:
1-بالله عليك ذاكر وانوي أن من مصلحة الإسلام أن تقديرك الذي حققته في
العام الماضي لابد أن يكون أفضل هذا العام, إياك أن تقول لا فائدة والكتب
ليست ذات قيمة وأن العلم لن يفيدني ولن أعمل به, بالله عليك ادرس كي تتعلم,
لأنه يكفي الجهلة من المسلمين, نحن نريد مسلمين متعلمين, فنصيحتي لأولى
ورجائي الأول ادرسوا يا شباب بهذه النية, نية أن أكون مسلما متعلما بصرف
النظر عن الامتحان..
2- برجاء بر الوالدين.
3- يا
شباب ويا بنات خاصة الذين أنهوا الدراسة الثانوية وسيدخلون إلى الجامعة
أرجوكم.. إياكم أن تنبهروا ببريق الجامعة فتضيعوا وراء المعاصي, إياكم أن
تنبهروا بشكل البنات البعيدات عن طاعة الله, وكذلك الأولاد, اتقوا الله
وجاهدوا أنفسكم قدر استطاعتكم..
هذه
ثلاث نصائح أرجوها منكم بشدة.. بهذا أكون قد انتهيت من درسي وسوف ندعي,
ومعيار نجاحنا يا جماعة ليس كم بكينا, ولا كم رفعنا صوتنا بالدعاء, فليس
المهم أن نرفع صوتنا بالدعاء بالعكس فلا تبالغ في رفع صوتك, فمعيار النجاح
هو هل خرج منا نماذج متدينة أم لا..
معيار نجاحنا ليس هو عدد من حضروا ولا كم شخص بكى.. أبدا فلم يكن هذا أبدا المعيار فالمعيار هو كم شخص تغير, كم شخص جاهد نفسه..
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم..
جززى الله كاتبه خير الجزاء